الثلاثاء، 2 يناير 2018

قصة صعود المتسلّق الأردني مصطفى سلامة


المتسلّق الأردني مصطفى سلامة

لاجئ من الشرق الأوسط إلى قمّة إيفرست


مصطفى سلامة على قمّة إيفرست

ثراء-رشا كامل- 22 كانون الأول 2017 رغم مرارة الرحلة من لاجئٍ يقطن مخيم الوحدات ويدرس على مقاعد مدارس الوكالة، ثمّ نادلٍ وغاسل صحون، استطاع مصطفى سلامة البالغ من العمر اليوم 47 عاماً، أن يكون أول أردني يتسلّق قمّة إيفرست،  التي لم يتوقّف طموحه عندها، بل تابع حتى استطاع ايضاً أن يكون أول أردني يتسلّق قمم العالم، بل وأن يصبح ايضاً من بين 1 من 7 أفراد فقط في العالم ممّن أنهوا تسلّق القمم السبعة وتزلج القطبين وأخيراً تزلج جرينلاند من الشمال إلى الجنوب. 

أشهر مصطفى سلامة مؤخراً سيرته الذاتية في كتابٍ يحمل عنوان "أحلام لاجئ"، الذي يروي فيه مسيرة حياته ورحلات صعوده، وأبرز المواقف التي تعرّض لها، خلال حفل توقيعٍ ومناقشة استضافه فندق اللاندمارك، الذي يحاول من خلاله أن يوصل رسالته البسيطة بأنّ: "لكلٍّ منَّا قمَّةُ إڤرست الخاصَّة به. إنَّها في داخلنا، وفي وسعنا أن نعتليها، وكلُّ ما نحتاج إليه هو أن نجرؤ على الحلم". 

ولد الطفل مصطفى سلامة في الكويت عام 1970م لوالدين فلسطينيين، قضى طفولته في مخيَّماتِ اللجوء في الأردنِّ والكويت، ربته والدته في ظل غياب والده للعمل ؛ كسائق شاحنة على خطٍ خارجي لتأمين ما يمكن تأمينه من لقمة العيش. 

عاد مصطفى إلى الأردن خلال حرب الخليج عام 1992م، ليدرس الفندقة في الأردن، ويقطن في مخيم الوحدات عند عمّته التي كان لديها 19 ولداً، لذلك لم يجد مكاناً للنوم سوى على السطوح، وكان خارج أوقات الدراسة يبيع الكوكاكولا وحلويات الصواني على رأسه في المخيّم ليوفّر قوت يومه.  

وبدأ رحلة كفاحه بالعمل في عمّان، بأولّ وظائفه ك"جرسون" بأحد المطاعم، قبل التقائه بالسفير الأردني الذي استطاع أن يؤمن له عملاً بالعاصمة البريطانية لندن، حيث عمل هناك أيضاً بنفس عمله في عمان، كنادل بأحد المطاعم، ثمّ انتقل للعمل في بيت السفير الأردني بلندن براتب مقداره 500 دينار، وكان والده العائد منكوباً من الكويت بعد حرب الخليج الثانية يتسلّم الراتب من الخارجيّة الأردنيّة، ويصرفه على أولاده.

لم يكن سلامة يعرف اللغة الإنجليزيّة، وهذا كان يضايقه، فترك العمل عند السفير وضحّى بالراتب الكبير، وواصل مشوار حياته كادحاً  متشرّداً  في لندن وواظب العمل إمّا جارسوناً أو غاسل صحون، إلى أن حدث ذات ليلةٍ من عام2004 ما غيّر مسار حياته تماماً، إذا حلم في تلك الليلة أنّه يرفع الآذان ويصلي فوق قمّة إيفرست، فاستيقظ منهكاً يتصبّب جسده عرقاً.

أسرّ سلامة برغبته في تحقيق هذا الحلم لأصدقائه أبّان وجوده في بريطانيا، لكن أحداً  لم يأخذ كلامه على محمل الجدّ، وعرض الأمر على صحفي لدى صحيفة بريطانيّة، كان يتناول طعامه عنده في المطعم الذي يعمل فيه، فوعده بكتابةِ تقريرٍ عنه، وعاد إلى عمّان وأخذ يدور على الصحف الأردنيّة شارحاً لهم فكرته وطالباً منهم إيصالها إلى الرأي العام، لكن أحداً لم يتجاوب معه، سوى صحفياً من مجلة الأردن كتب عنه، فرجع مرة ثانية إلى لندن. 

وبعد أسبوعٍ اتّصل به الديوان الملكي طالبين منه العودة الفورية إلى عمّان لأمرٍ هام، فخمّن أنّ جلالة الملك عبدالله الثاني قرأ التقرير وكان تخمينه في محله، واستقبله جلالة الملك أحسن استقبال واستمع لقصته ووعده بتقديم الدعم الازم له، إن استطاع تسلّق أول قمة في شمال أمريكا. 

عاد إلى لندن واقترح عليه فندق الشيراتون الذي كان يعمل فيه أن يدربّه على تسلّق القمم في التبت، وبدأ التدريب وعانى مصطفى ما عانى من المخاطر، والأهمّ من ذلك أنّه اضطر لوقف التدخين نهائياً بعد أن كان مدّخناً شرهاً.

بعد التدريبات في جبال التبت، استطاع تسلّق قمة ديناني في شمال أمريكا التي يبلغ ارتفاعها 30 ألف قدم، وترجم جلالة الملك كلامه في اللقاء الأول إلى دعم ملموس على أرض الواقع، وبعد ثلاث سنواتٍ من التدرّب الشديد في النيال، والتبت، وأمريكا الشمالية. نجح سلامة بعد محاولتين فاشلتين بتسلّق إيفرست في العام 2008 تصادفاً مع يوم استقلال الأردن في 25 أيّار على مدى  72 يوماً، ليصبح بذلك أول أردني يتسلّق قمّة إيفرست.

ثمّ رفع الأذان وأقام الصلاة وصلى شرقا محقّقاً بذلك الحلم الذي راوده، ثم تحدث بهاتف الثريا مع جلالة الملك عبد الله الثاني والأمير علي ووالديه وأسرته ثم رفع العلم الأردني وصورة جلالة الملك، و استغرق 23 ساعة للنزول الى الأرض. وكرّمه جلالة الملك عبد الله عام 2009 وأنعم عليه بوسام الاستقلال، و قام بتسليم جلالته ألبوم صور من قمة ايفرست ولمغامراته كلها.

وبين محاولاته الثلاثة لتسلق إيفرست، استطاع سلامة أيضاً أن يصل إلى قمم العالم الأخرى، منها جبل البروس الروسي، وجبل كيليمنجارو في تنزانيا، وجبل أكونكاغوا في الأرجنتين، وهرم كارستنز في اندونيسيا. 

تابع سلامة مغامراته واستطاع في العام 2016م أن ينهي تسلّق قمم العالم السبعة ويكمل تحدّي بذلك "إكسبلوريز غراند سلام" الذي يتضّمن تسلّق قمم العالم السبعة ليصبح من بين 16 شخصاً من حول العالم  مّمن أكملوا هذا التحدي ، وأن يصبح عام 2017م  1 من 7 أفراد في العالم ممّن أنهوا تسلّق القمم السبعة وتزلج القطبين وأخيراً تزلج جرينلاند من الشمال إلى الجنوب.

استطاع سلامة الوصول إلى حلمه من أدنى أعماق الفقر والكدح. وأشار في نهاية النقاشيّة في حفل إطلاق كتابه، إلى أنّه لا يفكّر في تسلّق قمّة إيفرست مرة ثانية، إلّا لمرافقة أول امرأة أردنيّة ستتسلّق قمّة إيفرست.

يمكنكم مشاهدة فيديو الآذان على قمّة إيفرست




هناك تعليق واحد: